“مد لحافك على قد رجليك”… مثل يقتل الطموح بصمت
في ثقافتنا الشعبية، تتردد أمثال كثيرة تبدو في ظاهرها حكمًا واقعية، لكن بعضها يحمل بين طيّاته رسائل تُزرع في العقول وتكبّل الأحلام. من أبرز هذه الأمثال: “مد لحافك على قد رجليك”، والذي يُستخدم كثيرًا بدعوى “الواقعية” و”العقلانية”، لكنه في جوهره قد يكون أداة خفية لقتل الطموح وكبت روح المغامرة.
هذا المثل يروّج لفكرة القناعة بوضعك الحالي، حتى لو كان ضيقًا ومحدودًا، ويحثك على ألا تحلم بأكثر مما تملك، ولا تطمح لما هو أكبر من إمكانياتك. إنه دعوة للاستسلام بطريقة مهذبة. فإن كنت فقيرًا، ابق فقيرًا. وإن كنت في وظيفة لا تحبها، فاستمر فيها لأنك لا تملك رفاهية التغيير.
لكن الواقع يقول إن الطموح هو المحرك الأساسي لكل تطور شخصي أو مجتمعي. لو استمع العلماء والمخترعون والمبدعون لهذا المثل، لما خرجوا من حدود الفقر، ولا قفزوا على العقبات، ولا غيروا التاريخ. الطموح لا يزدهر في بيئة تقول لك “اقنع”، بل في بيئة تقول “تحدّ”.
نعم، من الحكمة أن نكون واقعيين ومدروسين في خطواتنا، لكن من القسوة أن نحاصر الطموح بمثل شعبي أصبح يُستخدم كأداة لإسكات الحالمين. الأحلام لا تُقاس بحجم اللحاف، بل بحجم الإرادة. وربما، بدلًا من أن نقول “مد لحافك على قد رجليك”، علينا أن نقول:
“ابنِ لحافًا أوسع، وخذ خطوة أطول.”
فمن لا يطمح… لن يتقدم.




