طلاب غزة: أحلام مع وقف التنفيذ

بعد أن انقلبت حياتها رأساً على عقب، وتدمرت مدرستها، تتطلع الطالبة فرح إلى الدراسة عبر الإنترنت بالرغم من قلة الوصول إليه وانقطاع الانترنت المتكرر.
تطلع الطالبة في الثانوية العامة فرح حمدان (18 عاما)، إلى التخصص في مجال التجارة منذ صغرها، فتصف حالها مثل أبناء جيلها بصوت حزين أنهكته الحرب: “كنا فرحين لأننا سننتقل إلى الجامعة ونحقق أحلامنا، وكنا نعيش بأمان واستقرار، ونذهب إلى مدارسنا ونفهم الدروس من معلماتنا، ولكن الآن انقلبت بنا الحياة رأساً على عقب فتدمرت مدارسنا، وتدمرت معها أحلامنا”.
في بيتها شبه المدمر في غزة، ازدحمت الأحلام والطموحات في خيال حمدان، فأصبحت أحلامها وأحلام طلاب غزة مع وقف التنفيذ، فدمر الاحتلال الإسرائيلي خلال حربه على القطاع منذ السابع من أكتوبر العام الماضي 132 من المدارس والجامعات بشكل كلي، و248 بشكل جزئي، وما تبقى من المباني التعليمية تحولت إلى مأوى للنازحين بعدما أجبروا على الرحيل من بيوتهم بسبب العدوان المستمر.
تقول حمدان: ” الدراسة عبر الإنترنت صعبة جداً في ظل انقطاع الكهرباء، وشبكة الإنترنت الهزيلة”، فأصبح الحل الوحيد للطلاب في غزة هو الدراسة عبر الإنترنت، ولكن الظروف لا تسمح، فغالب طلبة غزة يعيشون في ظروف لا يحمد عقباها، فقبل أكثر من عام توقفوا عن الدراسة، وأصبح مستقبلهم معرص للانهيار في أي لحظة.
ليس طلاب الثانوية العامة وحدهم من دفع الثمن، بل طلاب الجامعات في غزة البالغ عددهم (226,000) طالب يعانون حتى عام 2023.
الطالبة الجامعية نوران (20 عام)، أنهت الثانوية العامة عام 2022 بمعدل (98.9%) والتحقت بتخصص الاعلام الذي لطالما حلمت به، وأنهت عاماً دراسياً بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، لكن الحرب اقتحمت حياتها دون سابق إنذار ودمرت كل شيء.
تقول نوران بحرقة:” منذ صغري، حينما كانوا يسألونني ماذا تحلمين أقول لهم أريد أن أصبح إعلامية.. اجتهدت طوال حياتي الدراسية حتى أحقق حلمي، وحينما اعتقدت أنني فعلتها جاءت الحرب، ودمرتني قبل أن تدمر حلمي”، لم يقف الأمر على الحرب، بل فقدت أيضاً عملها في التسويق الإلكتروني بسبب الدمار الذي حل على شبكات الكهرباء والإنترنت في القطاع.
يعاني طلاب غزة الأمرين، فمعاناتهم النفسية ومنعهم من التعليم شكل عائقاً وتحدياً كبيراً أمامهم، فخلال الحرب ومع انقطاع سبل الدراسة لطلاب الجامعات في غزة تقدموا للحصول على منح دراسية للدراسة في الخارج، ومن ضحك له الحظ وحصل على منحة وقف له إغلاق المعابر كحاجز يمنعه من استكمال تعليمه.
تقول نوران: “تم قبولي في منحة الموهوبين في جامعة قطر، وتم اختياري كموهبة عن فلسطين في مجال الإعلام، وكان من المفترض أن ألتحق بالدراسة في أغسطس الماضي، ولكن إغلاق المعابر منعني من ذلك.”
يذكر أن هناك أكثر من (1500) طالب حاصلين على منح دراسية، وقبول جامعي في الخارج قد تنتهي فرصهم التي حصلوا عليها في أي لحظة بسبب الوضع القائم في غزة.
بالرغم من ذلك، أحلامهم لا تتوقف، فأبسط حقوق الإنسان التي يتغنى بها العالم أصبحت أحلام عصية، وأمنيات صعبة المنال بالنسبة للطلاب، ولكنهم لا يتوقفون عن طلب العلم مهما كانت الظروف ويؤمنون بأن غداً سيكون أفضل.
تقول فرح بصوتٍ يحمل في طياته الكثير من الصمود: ” أمنيتي أن نعيش بأمن، وسلام حتى نحقق أحلامنا، ونعيد بناء وطننا من جديد.”
سارة المشهراوي
نوران أبو شمالة