×

أخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي في الصحافة المكتوبة… فرصة للتطوير أم تهديد للإبداع؟

لم تعد تقنيات الذكاء الاصطناعي مجرد أدوات مستقبلية، بل أصبحت اليوم واقعًا حاضرًا يفرض نفسه على مختلف جوانب الحياة، وعلى رأسها الصحافة المكتوبة. فبين من يراه وسيلة لتطوير العمل الصحفي، ومن يعتبره تهديدًا حقيقيًا للإبداع والمهنية، يبقى الجدل مفتوحًا حول تأثيره الحقيقي على المهنة.

أدوات ذكية في خدمة الصحفيين

بدأت العديد من المؤسسات الإعلامية حول العالم بالاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحرير الأخبار، تحليل المحتوى، وحتى في تقديم توصيات للمواضيع والعناوين. مثل هذه الأدوات تسهم في تسريع عملية الإنتاج وتوفير الجهد، خاصة في الأخبار اليومية أو النشرات الاقتصادية.

وفي هذا السياق، يوضح د. إبراهيم العكة، المحاضر في قسم الإعلام بجامعة النجاح الوطنية، أن “الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا كبيرة لتطوير العمل الصحفي، من خلال تسهيل المهام التقنية المتكررة، مما يمنح الصحفيين وقتًا أكبر للتركيز على التحليل والتحقيق.”

الإبداع في خطر؟

ورغم الفوائد التقنية، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي مخاوف متزايدة بين الصحفيين، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على الجانب الإبداعي للمهنة. فالصحافة ليست مجرد جمع معلومات، بل هي فن رواية القصة، ونقل المشهد بروح إنسانية يصعب على الآلة محاكاتها.

يضيف د. العكة: “الإبداع في الصحافة مرتبط بالتجربة الميدانية، بالإحساس، وبالقدرة على قراءة ما بين السطور. لا يمكن لخوارزمية – مهما بلغت دقتها – أن تكتب مقالًا يحمل الموقف الشخصي والانطباع الإنساني نفسه الذي يقدمه صحفي مرّ بتجربة الحدث.”

تحديات أخلاقية ومهنية

لا تتوقف الإشكاليات عند حدود الإبداع فقط، بل تمتد إلى مصداقية المحتوى أيضًا. فالاعتماد الكامل على النصوص المنتَجة بالذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نشر معلومات غير دقيقة أو غير متوازنة، خصوصًا في المواضيع الحساسة أو السياسية. كما أن توحيد الأسلوب بسبب استخدام نفس الأدوات الذكية قد يفقد المحتوى تنوعه الثقافي واللغوي.

بين الرفض والاحتواء

يرى د. العكة أن الحل لا يكمن في رفض الذكاء الاصطناعي، بل في احتوائه واستخدامه بذكاء. “يجب أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، وليس كبديل. المهنة بحاجة إلى توازن بين التقنية والروح الإنسانية للصحفي.”

خلاصة

يبدو واضحًا أن الذكاء الاصطناعي سيبقى عنصرًا مؤثرًا في مستقبل الصحافة، لكنه لا يمكن أن يحل محل الإنسان في كل شيء. فالمحتوى الأكثر تأثيرًا يظل ذاك الذي كُتب من تجربة، ومن عين شاهدت، وقلم عاش التفاصيل. وبينما تتطور التكنولوجيا، يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على جوهر الصحافة: الحقيقة، والإنسان، والقصص التي تمس القارئ.

الأكثر قراءة