إن مرارة الحرب وويلاتها تخلق قسمين من البشر، نفسٌ زكية تسعى في دعم الإنسانية والتكاتف الاجتماعي، وأناسٌ أخرون يلتهمون نفسهم إن لم يجدوا ما يلتهموه، فاستغلال الحاجة أمرٌ مقزز وخاصة إن كانت في ظل الحروب والنكبة.

تقول ليان لتلفزيون شمعة:” ما عنا دجاج حالياً أبداً، ولا أي نوع من اللحوم، لكن قبل فترة كان موجود، ولو بدنا نحسبها، يعني تقريباً بتكلفنا 300 شيكل، أي ما يقارب 85$ للدجاجة الواحدة”، شعرت من كلامها بالشوق لهذا النوع من اللحوم على الرغم من عدم سؤالي لها إن كانت اشتاقت أم لا، شعرت بعدم الإنسانية إن سألتها هذا السؤال وأنا أعلم جيداً الإجابة أنها اشتاقت فهذه 8 شهور من الحرب والشمال مفصولاً عن الجنوب.

الاحتلال في بداية حربه على غزة، فصل جنوبها عن شمالها بحاجز عسكري يمكنك أن تحسب ضربات قلبك قبل أن تتخطاه، تقول ليان:” الحاجز مش زي أي حاجز ممكن يخطر على بالكم، الحاجز مليان خطر وممنوع تعمل أي حركة غير إنك تمشي بخط مستقيم، لدرجة لو نزلت راسك تشوف رباط البوت (الحذاء) ممكن تنقنص وتستشهد”، وبرأيها أن هذا السبب الذي يمنع أهل الشمال من الوصول إلى الجنوب.

إن الأسعار في الشمال تختلف تماماً عن الأسعار في الجنوب، لا سيما أن المساعدات التي تصل إلى الشمال تكون قليلة، وإن وصلت ستصل تهريب، وهنا تبدأ رحلة الاستغلال والحاجة، حيث الناس هناك اقتربت على خط المجاعة وبهذه الظروف الناس لا يوجد عندها تضحية، فالجميع اللهم نفسي بحسب ما وصفت ليان لتلفزيون شمعة.

الأمر لا يقتصر على أسعار المنتجات فقط، فالمعضلة الأكبر في سحب الأموال التي تأتي من الحوالات في الخارج، وترى ليان أن الأسباب تعود لسببين الأول ضغط الدول الثانية على الشعوب ومنعهم من تحويل الأموال للفلسطينيين، والسبب الثاني صعوبة وجود سيوله مالية بقطاع غـ.ـزة بشكل عام، وهذا السبب الرئيسي لجعل التاجر يتعامل مع المستفيد بشكل استغلالي على حد قولها.

فالعمولة ونسبة الفائدة في غزة تتغير كل يوم، فتصفها ليان ” مثل الأسهم”، فصرحت:” أنا اليوم سحبت 100$ وصلوني على البنك، استلمتهم كاش 70$”، أي أن العمولة وصلت لـ30% من قيمة المبلغ، وتصف الشعور باستغلالها” بالضغط النفسي”، وتوضح أن هذه الحرب ليست حرب بين طرفين فقط، إنما ضمنت كل أنواع الحروب منها النفسية والأهلية، فلا يمكن للناس أن تعترض خوفاً من عدم صرفها، وترى أنه من الممكن أن يحصل مشاكل بين الناس لسبب عدم وجود أمن في غزة بهذه الفترة.

تلفزيون شمعة